كيف يتم التحليل و ماذا يبحث عنه الطبيب؟

سُرعة الترسيب فى الدم (erythrocyte sedimentation rate - ESR) هو اختبار يقوم بقياس درجة الالتهاب الموجود فى الجسم بشكل غير مُباشر. يقوم الاختبار بالقياس الفعلى لمُعدّل هبوط (ترسيب) خلايا الدم الحمراء فى عيّنة من الدم بداخل أنبوب رأسى طويل و رفيع. يتم تقرير النتائج بوِحدة الملليمتر من السائل النقى (البلازما plasma) الموجود فى الجزء العلْوى من الأنبوب بعد مرور ساعة من الزمن.

عندما يتم وَضع عينة الدم فى الأنبوب ، فمن الطبيعى أن تترسّب خلايا الدم الحمراء بمُعدّل بطىء نسبيا تاركة سائل البلازما النقى فى الأعلى. تترسّب خلايا الدم الحمراء بمُعدّل أسرع عند وجود مستوى زائد من البروتينات ، لا سيّما البروتينات التى تُدعَى مُتفاعِلات المرحلة الحادة (acute phase reactants). يزداد مستوى بروتينات مُتفاعِلات المرحلة الحادة فى الدم كاستجابة لحدوث الالتهاب ، مثل بروتين سى التفاعُلى (CRP) و بروتين الفيبرينوجين (fibrinogen).

الالتهاب هو جُزء من عملية الاستجابة المناعيّة للجسم. يُمكنه أن يكون حادا ، فيتطوَّر سريعا تاليا لحدوث صدمة أو إصابة أو عدوى مثلا ، أو يُمكن أن يحدث على مدار وقت طويل (فيكون مُزمنا) مُصاحبا لحالات مرضيّة مثل أمراض المناعة الذاتيّة أو السرطان.

لا يُعد اختبار سُرعة الترسيب فى الدم (ESR) اختبارا تشخيصيا. فهو اختبار غير مُتخصّص قد يرتفع فى عدد من الحالات المرضيّة المختلفة. فهو يُقدم معلومات عامة حوْل وجود أو غياب حالة من الالتهاب.

هناك تساؤلات حوْل فائدة استخدام اختبار (ESR) فى ضوء وجود فحوصات أحدث مُتاحة للاستخدام و التى تُعتبر أكثر تخصُّصيّة. مع ذلك ، من المُعتاد إجراء اختبار (ESR) بغرض تشخيص و مُراقبة الإصابة بمرض التهاب الشُريان الصِدغى (temporal arteritis) ، و بمرض التهاب الأوْعية الدمويّة العام (systemic vasculitis) ، و بمرض ألم العضلات الروماتيزمى (polymyalgia rheumatica). إن ظهور نتيجة مرتفعة للغاية لاختبار (ESR) يُفيد فى إجراء تشخيص مُتباين للإصابة بمرض روماتيزمى. إضافة إلى ذلك ، ما يزال إجراء اختبار (ESR) يُمثّل أحد الخيارات الجيّدة فى بعض الظروف ، على سبيل المثال ، عندما لا تكون الفحوصات الأحدث مُتاحة فى المناطق محدودة الموارد أو عندما تتم مُراقبة مسار مرض ما.

 

كيف يتم جمع العينة اللازمة لإجراء هذا التحليل؟

يتم أخذ عينة الدم من وريد بالذراع بواسطة إبرة (حقنة).

 

هل هناك أى تحضيرات لازمة قبل إجراء التحليل للتأكد من جودة العينة المستخدمة؟

ليس هناك حاجة إلى تحضيرات خاصة قبل إجراء هذا الاختبار.

كيف تتم الاستفادة من هذا التحليل؟

إن اختبار سُرعة الترسيب فى الدم (erythrocyte sedimentation rate - ESR) هو اختبار بسيط نسبيا و غير مُكلّف و غير مُتخصّص يُستخدم منذ سنوات عديدة للمساعدة فى الكشف عن حالات الالتهاب المُرتبطة بحالات مرضيّة ، كالعدوى و الأوْرام السرطانيّة و أمراض المناعة الذاتيّة.

يُقال عن اختبار (ESR) أنه اختبار غير مُتخصّص لأن ظهور نتيجة مرتفعة له غالبا ما تُشير إلى وجود التهاب ما و لكنها لا تُخبر الطبيب المعالج بموقع الالتهاب فى الجسم تحديدا أو ماهيّة سببه. يُمكن أن يتأثر اختبار (ESR) بحالات مرضيّة أخرى بجانب وجود الالتهاب. لهذا السبب يتم استخدام اختبار (ESR) فى العادة بالترافُق مع إجراء تحاليل أخرى ، مثل تحليل بروتين سى التفاعُلى (C-reactive protein).

يُستخدم اختبار (ESR) للمساعدة فى تشخيص أمراض التهابيّة مُعيّنة ، مثل مرض التهاب الشُريان الصِدغى (temporal arteritis) ، و مرض التهاب الأوْعية الدمويّة العام (systemic vasculitis) ، و مرض ألم العضلات الروماتيزمى (polymyalgia rheumatica). إن ظهور ارتفاع ملحوظ فى نتيجة اختبار (ESR) هو أحد النتائج الأساسيّة المُستخدمة فى دعم التشخيص.

قد يُستخدم أيضا هذا الاختبار فى مُراقبة مدى نشاط المرض و استجابته للعلاج فى كل من الأمراض المذكورة أعلاه بالإضافة إلى بعض الأمراض الأخرى ، مثل داء الذئبة الحمراء (systemic lupus erythematosus - SLE).

 

متى يُطلب إجراء هذا التحليل؟

قد يُطلب إجراء اختبار (ESR) عندما يتم الاشتباه فى أن الإصابة بمرض ما هى سبب حدوث الالتهاب فى مكان ما بالجسم. هناك العديد من الأمراض الالتهابيّة التى قد يتم الكشف عنها باستخدام هذا الاختبار. على سبيل المثال ، قد يُطلب إجراؤه عندما يُشتبه فى أن الإصابة بمرض التهاب المفاصل هى سبب حدوث التهاب و ألم فى المفاصل أو عندما يُشتبه فى أن ظهور أعراض مرضيّة تتعلّق بالجهاز الهضمى هى ناتجة عن الإصابة بمرض التهاب الأمعاء.

قد يطلب الطبيب المعالج إجراء اختبار (ESR) عندما يُعانى شخص ما من أعراض مرضيّة تُرجّح إصابته بمرض ألم العضلات الروماتيزمى (polymyalgia rheumatica) ، أو بمرض التهاب الأوْعية الدمويّة العام (systemic vasculitis) ، أو بمرض التهاب الشُريان الصِدغى (temporal arteritis) ، مثل الصُداع و ألم الرقبة أو الكتف و ألم الحوض و فقر الدم (الأنيميا) و ضعف الشهيّة و فُقدان الوزن مجهول السبب و تصلُّب المفاصل. قد يُطلب أيضا إجراء اختبار (ESR) على فترات زمنيّة مُنتظمة بغرض المساعدة فى مُراقبة مسار تلك الأمراض.

قبل البدء فى إجراء فحوصات مُوسّعة للبحث عن إصابة بمرض ما ، قد يرغب الطبيب المعالج فى إعادة إجراء اختبار (ESR).

 

ما هى نتائج هذا التحليل و ماذا تعنى؟

يتم تقرير نتائج اختبار (ESR) بوِحدة الملليمتر من السائل النقى (البلازما plasma) الموجودة فى الجُزء العلْوى من الأنبوب بعد مرور ساعة واحدة (ملليمتر/ساعة mm/hr).

حيث أن اختبار (ESR) لا يُمثّل دلالة دامغة على الالتهاب و يتأثر بعوامل أخرى ، فيجب استخدام النتائج إلى جانب النتائج الطبية الأخرى ، مثل السِجل الصِحّى للشخص و نتائج الفحوصات المعمليّة الأخرى. إذا توافقت نتائج اختبار (ESR) مع النتائج الطبية الأخرى ، فقد يتمكّن الطبيب المعالج من تأكيد أو استبعاد التشخيص المُشتبه به.

إن وجود ارتفاع فى نتيجة اختبار (ESR) مُنفردا ، بدون ظهور أى أعراض للإصابة بمرض مُعيّن ، فى المُعتاد لن تعطى معلومات كافية لاتخاذ قرارات العلاج. علاوة على ذلك ، فإن النتائج الطبيعية للاختبار لا تستبعد وجود الالتهاب أو الإصابة بالمرض.

يحدث ارتفاع مُتوسّط فى سُرعة الترسيب فى الدم مع وجود التهاب و لكنه يحدث أيضا مع الإصابة بمرض فقر الدم (الأنيميا) و الإصابة بالعدوى و خلال فترة الحمل و مع التقدُّم فى العُمر.

إن الارتفاع الكبير جدا فى سُرعة الترسيب فى الدم يكون لديه سبب واضح ، مثل الإصابة بعدوى عنيفة و التى يتم تحديدها عن طريق ظهور زيادة فى البروتينات (الجلوبولينات globulins) ، أو الإصابة بمرض ألم العضلات الروماتيزمى (polymyalgia rheumatica) أو بمرض التهاب الشُريان الصِدغى (temporal arteritis). عادةً ما سيقوم الطبيب المعالج باستخدام فحوصات متابعة أخرى لاحقة ، مثل إجراء اختبار مزرعة للدم اعتمادا على الأعراض المرضيّة التى يُعانى منها الشخص. إن الأشخاص المُصابين بمرض سرطان النُخاع المُتعدّد (multiple myeloma) أو بمرض فالدنشتروم (Waldenstrom's macroglobulinemia) (و هى أوْرام تقوم بصُنع كميات كبيرة من الجلوبولينات المناعيّة) ، عادةً ما يكون لديهم ارتفاع كبير فى سُرعة الترسيب فى الدم حتى لو لم يكن لديهم التهاب.

عندما تتم مُراقبة حالة مرضيّة ما على مدار فترة من الزمن ، فقد يُشير ارتفاع سُرعة الترسيب فى الدم إلى زيادة الالتهاب أو إلى الاستجابة الضعيفة للعلاج الموصوف. فد تُشير سُرعة الترسيب الطبيعية أو المنخفضة إلى الاستجابة المناسبة للعلاج الموصوف.

 

هل هناك أشياء أخرى يجب أن أعرفها عن هذا التحليل؟

يُمكن مُلاحظة انخفاض سُرعة الترسيب فى الدم مع الإصابة بحالات مرضيّة تُثبّط (تقمع) الترسيب الطبيعى لخلايا الدم الحمراء ، مثل زيادة تِعداد خلايا الدم الحمراء (فرط الكُريات الحمراء polycythemia) ، و الارتفاع الملحوظ فى تِعداد خلايا الدم البيضاء (فرط الكُريات البيضاء leukocytosis) ، و وجود بعض البروتينات الغير طبيعية فى الدم. بعض التغيُّرات فى شكل خلايا الدم الحمراء (مثل الخلايا المِنجليّة فى مرض أنيميا الخلايا المِنجليّة sickle cell anemia) تقوم أيضا بإبطاء سُرعة الترسيب فى الدم.

يُعد كل من سُرعة الترسيب فى الدم (ESR) و بروتين سى التفاعُلى (CRP) دلالات على وجود الالتهاب. فى العموم ، لا تتغيّر سُرعة الترسيب فى الدم (ESR) بنفس سُرعة تغيُّر بروتين سى التفاعُلى (CRP) ، سواء مع بداية الالتهاب أو عند شفائه. لا يتأثر بروتين سى التفاعُلى (CRP) بالعوامل الكثيرة الأخرى التى تؤثر فى سُرعة الترسيب فى الدم (ESR) ، مما يجعله دلالة أفضل على وجود الالتهاب. مع ذلك ، و لأن اختبار سُرعة الترسيب فى الدم (ESR) هو اختبار من السهل إجرائه ، فلا يزال الكثير من الأطباء المعالجين يستخدمونه كاختبار مبدئى عندما يعتقدون فى إصابة مريض ما بالالتهاب.

إذا ارتفعت نتيجة اختبار (ESR) ، فعادةً ما يكون ذلك ناتجا عن نوعيْن من البروتينات: إما الجلوبولينات (globulins) أو الفيبرينوجين (fibrinogen). اعتمادا على التاريخ المرضى للشخص الخاضع للاختبار ، و على العلامات و الأعراض المرضيّة التى يُعانى منها ، و على السبب الذى يشتبه فيه الطبيب المعالج ، فحينها قد يطلب الطبيب إجراء تحليل مستوى بروتين الفيبرينوجين (و هو بروتين يتعلّق بعملية تخثُّر/تجلُّط الدم و يُعد دليلا آخرا على وجود الالتهاب) و إجراء تحليل الفصل الكهربى لبروتينات الدم (serum protein electrophoresis) بغرض تحديد إذا ما كان أحد تلك البروتينات (أو كلاهما) هو المُسبّب لارتفاع نتيجة اختبار (ESR).

تميل النساء إلى أن يكون لديهن سُرعة ترسيب (ESR) أعلى ، كما أن فترتى الحيْض و الحمل يُمكنهما أن يُسبّبان ارتفاعات مؤقتة.

يتم استخدام اختبار (ESR) فى فحوصات الأطفال بغرض تشخيص و مُراقبة الأطفال المُصابين بمرض التهاب المفاصل الروماتويْدى (rheumatoid arthritis) أو بمرض كاواساكى (Kawasaki disease).

يُمكن لبعض الأدوية أن تزيد من سُرعة الترسيب فى الدم (ESR) ، مثل ديكستران (dextran) و ميثايل دوبا (methyldopa) و أقراص منع الحمل (oral contraceptives) و بروكيناميد البنسيلامين (penicillamine procainamide) و ثيوفيلين (theophylline) و فيتامين (A). بينما أدوية الأسبيرين (aspirin) و الكورتيزون (cortisone) و الكينين (quinine) قد تُقلّل منها.

هناك اختبار تُجارى سريع مُتوفّر يقوم بإجراء سُرعة الترسيب فى الدم (ESR) فى خلال أربع دقائق باستخدام طريقة الجاذبيّة. و هو يُستخدم على نِطاق واسع لتقليل وقت انتظار المرضى ، لا سيّما فى أقسام الطورائ.

�  هل ينبغى على الجميع إجراء اختبار سُرعة الترسيب فى الدم (ESR)؟

لا. فإن اختبار سُرعة الترسيب فى الدم (ESR) ليس اختبارا مُتخصّصا ، فهو لا يُشير إلى الإصابة بأى حالة مرضيّة ، و يُمكن أن يتأثر بالعديد من العوامل المختلفة بخلاف الالتهاب. فمثلا ، لا يُوصَى باستخدامه فى فحص الأشخاص ممن لا يُعانون من أى أعراض مرضيّة أو ممن يبدون من الأصِحّاء.

 

�  ما هى الفحوصات الأخرى التى قد يطلب طبيبى إجراءها إلى جانب اختبار سُرعة الترسيب فى الدم (ESR)؟

قد يطلب طبيبك المعالج إجراء تحليل بروتين سى التفاعُلى (CRP) بالإضافة إلى إجراء التحاليل العامة الأخرى ، مثل تحاليل الأيْض الشاملة (comprehensive metabolic panel - CMP) أو تحليل صورة الدم الكاملة (CBC) ، فى نفس توقيت إجراء اختبار (ESR). قد يطلب إجراء فحوصات إضافيّة اعتمادا على الأعراض المرضيّة الظاهرة لديك ، و التى تتضمّن إجراء اختبار الأجسام المُضادة للنواة (ANA) ، أو اختبار العامل الروماتويْدى (RF) ، أو تحليل بروتين الفيبرينوجين (fibrinogen) ، أو تحليل الفصل الكهربى لبروتينات الدم (serum protein electrophoresis).

 

�  ماذا يعنى حدوث تغيُّرات فى سُرعة الترسيب فى الدم (ESR) لدىّ؟

قد يُشير حدوث تغيُّرات فى سُرعة الترسيب فى الدم (ESR) إلى وجود أو انحسار العدوى أو الالتهاب. إذا كنت مُصابا بمرض التهابى مُزمن ، فقد تتذبذب سُرعة الترسيب فى الدم (ESR) لديك مع درجة حِدة أو مسار المرض المُصاب به.