تليُّف الكبد

Cirrhosis


 

ما هو تليُّف الكبد؟

التليُّف هو تَنَدُب شديد فى الكبد ينتج عن أمراض الكبد المُزمنة. مع تلف الأنسجة السليمة للكبد خلال مدة زمنية طويلة ، تُستبدل بأنسجة نُدبية ، مؤثرة على نسيج الكبد ومُقللةً من قدرته على القيام بوظائفه. التليُّف له صلة بما يقرب من 32 ألف حالة وفاة سنوياً فى الولايات المتحدة.

يظهر التليُّف مع مختلف أمراض الكبد المزمنة ويُمكن أن يستغرق سنوات أو حتى عقود كى يتكوّن. بخلاف النُدوب فى أجزاء أخرى من الجسم ، فبعض الندوب التى تحدث فى الكبد قابلة للإصلاح ، حتى فى الأشخاص المصابين بالتليُّف.

الكبد هو عضو حيوى يقع فى الجزء العلوي الأيمن من البطن. من بين وظائفه الأخرى ، أنه يُساعد على تحويل المواد الغذائية فى الطعام إلى مكونات الدم الهامة ، يُنتج عديد من العناصر الضرورية للتخثّر الطبيعي للدم ، يَستقلِب وينزع سُميّة المواد التي قد تضر الجسم بطريقة أو بأخرى ، ويُنتج الصفراء - سائل ضروري لهضم الدهون.

أمراض الكبد قد تؤثر على أي من هذه الوظائف. هذه الأمراض قد تكون نتيجة لعدوى ، إصابة بدنية ، التعرض لسُم ، عملية متعلقة بالمناعة الذاتية ، أو بسبب خلل جيني يؤدي إلى تراكم مواد مثل النحاس أو الحديد. التلف الناتج عن الأمراض الكبدية قد يؤدي إلى إلتهاب ، إعاقة تدفق الصفراء ، وإضطرابات فى عملية التخثر. التلف المستمر والمتواصل يمكن أن يؤدى إلى تراكم متزايد للأنسجة الضامة ، أو تليُف الكبد ، الذى يفسِّر حدوث التليُّف.

مع التليُّف ، يتغير نسيج الكبد ، مكوناً درنات من الخلايا محاطة بنسيج ليفي. هذا النسيج لا يؤدي وظائف نسيج الكبد السليم و يمكن أن يعرقل تدفق الدم والصفراء من خلال الكبد. بينما يتطور التليُّف ، يبدأ تأثيره على أعضاء وأنسجة أخرى بعموم الجسم. بعض الأمثلة لهذه التأثيرات والمضاعفات ، تشمل:

• زيادة الضغط فى الوريد التى يحمل الدم للكبد ، هذا يسمى الضغط البابي المرتفع.
• تورم ونزيف فى أوردة المرئ و / أو المعدة )دوالي المرئ و / أو المعدة) نتيجة الضغط المتزايد من إرتفاع ضغط الوريد البابي وإرتداد الدم لهذه الأوردة الأصغر حجماً.
• زيادة السموم فى الدم ، التى قد تسبب التشوش وأشكال أخرى من التغيرات العقلية.
• تراكم السوائل فى البطن (الإستسقاء).
• قصور وظائف الكلى .
• قلة إنتاج عناصر تخثر الدم ، الذي قد يؤدى إلى سهولة النزيف و حدوث الكدمات.

 

الأشخاص المصابين بالتليُّف أيضاً معرضون لخطر كبير للإصابة بسرطان الكبد ، هذا مقدّر أن يحدث في 3 - 5 % من مرضى التليُّف كل عام ، و قد تتكون سرطانات متعددة بمرور الوقت.

عندما تكون إصابة الكبد حادة أو التلف يكون محدوداً ، فعادةً ما يقوم الكبد بإعادة ترميم نفسه. لكن ، الإصابة أو التلف المتكرر على مدى سنوات عديدة قد يؤدى إلى التليُّف. الأسباب واسعة النطاق لكن عموماً ما تنحصر فى واحدة من فئات متعددة:

• الكُحوليات – الإستخدام المفرط للكحول لفترة طويلة يؤدى إلى مرض الكبد الكُحولى والتليُّف.
• مرتبطاً بالإلتهاب الكبدي ، كالإلتهاب الكبدي الفيروسي، الإلتهاب الكبدي المناعي ومرض الكبد الدهني الغير كُحولي(NAFLD).
• مراري – إنسداد مراري و / أو تلف القنوات الصفراوية.
• قلبي – فشل قلبي إحتقاني يمكن أن يؤدى إلى تلف الكبد والتليُّف فى آخر المطاف.
• أيضي أو وراثي – و يشمل أمراضاً مثل التليف المراري ، صباغ دموي ، و داء ويلسون.
• غير معروف – في حوالي 10% من حالات التليُّف ، يكون السبب مجهولاً.

 

يختلف مُعدل تلك الأسباب حسب السُكان والتوزيع الجغرافي. فى الولايات المتحدة ، حوالي نصف حالات التليُّف تنتج عن عدوى الإتهاب الكبدي المزمن (C) و الإسراف المستمر بتناول الكحول (إدمان الكحوليات).

تسبب عدوى الإلتهاب الكبدى (B) المزمن (أحياناً مع عدوى الإلتهاب الكبدي D كعدوى مصاحبة) عدداً ملحوظاً من الحالات وهو سبب رئيسي فى أنحاء عدة من العالم. مرض الكبد الدهني الغير كحولي (NAFLD) و إلتهاب الكبد الدهني (NASH) هما أمراض غير منتقلة بالعدوي لها دور هام فى الإصابة بتليُّف الكبد ، و مُعدّلها آخذ فى التزايد.

كثير من الناس المصابة بالتليُّف لديهم القليل أو حتى بدون علامات سريرية. الأعراض يمكن ألا تظهر إلا حين حدوث تندُّب ملحوظ فى الكبد.

ربما تكون الأعراض غير نوعية وتشمل:

• إجهاد.
• وَهَن.
• التشوّش وصعوبة التركيز.
• وعْثاء بالبطن.
• حِكة.
• إنتفاخ بالبطن (الإستسقاء ، تراكم سؤال بداخل البطن).
• يرقان.
• سهولة النزيف والتكدُّم.
• تورّم بالقدم.
• غثيان.
• فُقدان الوزن وفُقدان الشهية.

من المهم إكتشاف التليُّف فى أسرع وقت ممكن لأن تلفاً ملحوظاً بالكبد قد يحدث مع أعراض قليلة أو بدون أعراض. إذا تم السيطرة على سبب تلف الكبد أو إزالته ، فسيتوقف المزيد من التندب وفى الحقيقة قد تتحلل بعض الندب الموجودة بالفعل. فى حين أنه يمكن لفحوصات الدم أن تكشف تضرر الكبد ، فإنه لا يوجد إختبار ما يمكن إستخدامه بمفرده لتشخيص التليُّف. فحص نسيج الكبد (الإختزاع) يعتبر (المعيار الذهبي) لتشخيص التليُّف ، لكنه إجراء يحتاج إلى فتح جراحي وسوف لا يكشف كل الحالات.

الفحوصات المعملية الروتينية قد تُجرى لتحدد تلف الكبد و / أو التندب ولتقيِّم مدى شدته ، خصوصاً إذا كان الشخص لديه بعض عوامل الخطورة للإصابة بالتليُّف. الإختبارات الإضافية يمكن إجراؤها لتساعد على تشخيص السبب الأساسي ولمراقبة صحة الشخص المصاب مع مرور الوقت. هذا قد يشمل رصد الإصابة المحتملة بسرطان الخلايا الكبدية.

 

الفحوصات الروتينية

إصابة الكبد يمكن تحديدها أولاً بواسطة لائحة إختبار أيض شامل (CMP) أو لائحة إختبارات الكبد. كلا اللائحتين تشمل الإختبارات التالية:

••  ناقلة أمين الألانين (ALT) – إنزيم يوجد بشكل رئيسي فى الكبد. ترتفع مستويات الإنزيم مع كل أنواع إصابات الكبد ، بما فيها التليُّف.

••  (AST) – إنزيم يوجد فى الكبد وأعضاء أخرى .يرتفع فى الأشخاص الذين يعانون تضرر الكبد ، شاملاً التليُّف.

••  (ALP) – إنزيم يوجد على طول القنوات الصفراوية. عادةً ما يكون (ALP) طبيعياً أو طفيف الإرتفاع فى حالة التليُّف.

••  البيليروبين الكلي – مادة تُنتج حصرياً فى الكبد. ترتفع فى العديد من أمراض الكبد. عادةً ما يكون البيليروبين طبيعياً أو مرتفع قليلاً إلى أن يصبح التليُّف متدهوراً إلى حدٍ بعيد.

••  الألبيومين – بروتين يصنّع بواسطة الكبد والذي غالباً ما ينخفض في حالة التليُّف.

إذا كان أياً من هذه الإختبارات غير طبيعي ، من ثَمّ سيجري المزيد من التحقق بشأنهم. نمط النتائج يكون غنياً بالمعلومات أكثر من أى إختبار على حدة.

 

إختبارات روتينية أخرى قد تشمل:

••  تعداد دموي شامل(CBC) – يمكن أن يُطلب لتقييم خلايا الدم الحمراء والبيضاء والصفائح ، قد توجد أنيميا إذا كان نزيفاً قد وقع ، و كثيراً ما تقل الصفائح الدموية فى حالة التليُّف.

••  زمن البروثرومبين (PT\INR) – معظم عوامل تخثر الدم تُنتج بواسطة الكبد. هذا الإختبار يُقيّم وظيفة التخثّر و يمكن أن يطول زمن البروثرومبين مع التليُّف.

العديد من الإختبارات المدرجة أعلاه تستخدم لرصد تطور التليُّف. كلما إزدادت الحالة سوءاً ، كلما أصبحت النتائج أكثر إنحرافاً عن المعدل الطبيعي.

 

الإختبارات الإضافية

••  إختبار الإلتهاب الكبدي B والإلتهاب الكبدي C يمكن إجراؤهما للمساعدة في تشخيص السبب الرئيسي لمرض الكبد المزمن.

••  عند وجود إستسقاء ، قد يتم تحليل السائل البروتونى.

••  فحص أنسجة الكبد تشمل أخذ عينة من نسيج الكبد لتقييم بِنية وخلايا الكبد. و يمكنه الإشارة بوضوح إلى وجود التليُّف. لكن بما أن العينة تكون صغيرة ، فالنتيجة السالبة لا يمكنها إستبعاد وجود التليُّف.

 

وفقاً للسبب المشتبه به ، يتم إجراء واحد أو أكثر من الإختبارات المتخصصة:

••  إختبارات الحديد – عند الإشتباه فى داء الإصطباغ الدموى.

••  النحاس وإنزيم السريولوبلازمين – عند الإشتباه فى داء ويلسون.

••  الأجسام المضادة للميتوكوندريا (AMA) – يساعد على تشخيص التليُّف الصفراوي الأولي.

••  مضاد التربسين ألفا-1 – ليساعد على تشخيص نقص هذا البروتين.

••  إختبارات جينية لأمراض الكبد الوراثية (داء الإصطباغ الدموى ، داء ويلسون).

••  حمض الهيالويورونيك – مرتبط بالتليف ، فى حال إنخفاضه ، يكون التليف مستبعداً.

 

بعض الإختبارات تُطلب لمراقبة تطور المضاعفات:

••  ألفا - فيتو بروتين (AFP) – غالباً ما يرتفع إرتفاعاً طفيفاً مع التليُّف ، يمكن أن يرتفع بشكل ملحوظ مع سرطان الكبد.

••  دي - جاما كاربوكسي بروثرومبين (DCP) – قد يرتفع مع سرطان الكبد.

••  الأمونيا – ترتفع قيمتها فى المراحل المتأخرة من التليُّف مع الفشل الكبدي.

 

تُطلب أحياناً

يمكن إستخدام الحسابات المعتمدة على نتائج لوائح الإختبارات المتخصصة لتقييم توقعات تطور المرض أو التليُّف المُحتمل:

••  تشايلد - توركوت - بَف (CTP) ، نظام تصنيف لتليُّف الكبد – للمساعدة على تخمين متوسط العمر المتوقع لهولاء المصابين بتليُّف متقدم.

••  MELD (نموذج المرحلة الأخيرة لمرض الكبد) – يستخدم للمساعدة على تحديد هؤلاء المعرضون لخطر الوفاة بدرجة كبيرة ، ليتم أخذ إزدراع الكبد فى عين الإعتبار.

••  عديد الحسابات المطورة بشكل تجاري (خوارزميات) متاحة لتساعد على التعرف على وجود التندب و شدّته فى الكبد.

 

الفحوصات الغير معملية

إجراءات أخرى و فحص بالتصوير قد يكون مفيداً:

••  موجات فوق صوتية – تطلب أحياناً لتساعد على تشخيص مرض الكبد الدهني الغير كحولي (NAFLD). يتم إجراء موجات فوق صوتية بصفة دورية لبعض المرضى لرصد نشوء سرطان الخلايا الكبدية.

••  الإشعاع الليفي الإيلاستويد العابر أو المغناطيسي – لتقييم درجة تليف الكبد عن طريق قياس صلابة الكبد.

للأشخاص الذين تم تشخيصهم بالتليُّف ، عادةً ما يشمل العلاج:

• تحديد وعلاج السبب الرئيسي لمرض الكبد ، إذا أمكن. هذا ربما يتضمن ، على سبيل المثال ، علاج الإلتهاب الكبدي C المزمن بالأدوية.
• الحفاظ على المتبقي من وظائف الكبد – مساعدتهم على الاعتناء بكبدهم ، الأشخاص المصابين بالتليُّف يجب عليهم عدم شُرب الكحول وتجنب المواد التي قد تضر بالكبد. هم فى حاجة إلى تعديل أو تعزيز نظامهم الغذائي للتأكد من حصولهم على التغذية الكافية والعمل مع مقدمي الخدمات الطبية على ضبط جرعات العلاج حيث أن كبدهم قد لا يكون قادراً على معالجة الأدوية بمعدل طبيعي.
• مضاعفات العلاج – على سبيل المثال ، أحياناً يكون هناك حاجة إلى التنظير الداخلي (المنظار) للبحث عن الدوالي (الأوردة المُتسعة) و تحديد الدوالي النازفة. فى الحالات المتقدمة من التليُّف ، قد يوصى بإجراء عملية زرع للكبد.